يحقَق الذكاء الاصطناعي قفزاتٍ سريعة، هناك حديثٌ حول تطورات يمكن أن تغيّر الحياة على كوكبنا بشكلٍ جوهري، حيث يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يحدث ثورةً في كل جوانب حياتنا اليومية، العمل، التنقل، الطب، الاقتصاد والاتصالات.
في مقالنا هذا سنوضح لكم ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيعمل حقاً على تطوير الطب وهل ستستولي الروبوتات الذكيّة على وظائفنا؟
هل نحن نتّجه فعلاً نحو واقعٍ مرير، تنعدم فيه الخصوصية مع مراقبةٍ كاملة؟ وما هو الذكاء الاصطناعي، وماهي قدراته الفعليّة؟
سنحاول الإجابة عن تلك الأسئلة في مقالنا هذا.
التقنيات الحديثة ستغيّر طريقتنا في التسوّق
محطتنا الأولى هي “وادي السيلوكون” في “كاليفرونيا” يضمّ المكان المقرّات الرئيسيّة لشركة Apple و Google و Facebook، حيث يمثّل الثورة الرقميّة.
غيّرَ قطاع التنكنولوجيا منطقة خليج سان فرانسيسكو، حيث تنطلق شركات ناشئةٌ كلَّ يوم، وأصبح الذكاء الاصطناعي حديث الجميع.
فتح نوعٌ جديدٌ من المتاجر أبوابه مثل: Amazon Go، كلُّ ما تحاتجه للشراء من المتجر هو تطبيق، أمسك بهاتفك المحمول وقرّبه من الماسح الضوئي ويمكنك الدخول والبدأ بالتبضّع وأخذ كل ما تحاتجه دون أيّ موظفين.
تسجل الكاميرات والمستشعرات الذكيّة المنتشرة في كلّ أنحاء المتجر البضائع التي أخذتها.
نهاية البائعين وموظفين الكاشير، خذ ما اشتريته وغادر المكان فحسب، تصلك فاتورتك على الهاتف فور خروجك من المتجر.
في الجوار يوجد مقهى روبوتات يمثّل مكاناً آخر لصناعة المستقبل، الطلب فيه عبرَ التطبيق وشاشة اللمس.
إحداث تغيير في عالم الطب
قام الباحثون بتطوير لوغاريتمات ذكاءٍ اصطناعي يمكنها فحص صور الأشعّة، فقط التقط لها صورة عن طريق هاتفك المحمول وقم بتحميلها على التطبيق وخلال ثوانٍ سيظهر لك التشخيص.
وهذه البنية الاصطناعية قادرة على تشخيص مرض السلّ مثلا، تحتاج الشبكة إلى تدريب، جيث يتم تمرير صور أشعة لمرضى السلّ عبر الشبكة نفسها.
كما يساعد الذكاء الاصطناعي على إحداث ثورة في مجال الرعاية الصحيّة، إذ يستخدم العلماء لوغاريتمات الذكاء الاصطناعي للبحث في البيانات التي قد تبدو لنا تافهة، مثل حركة المشي، التي من الممكن أن تساعد في التشحيص المبكّر لمرض مثل “باركنسون”، وبالتالي البدأ بعلاجه في مراحله الأولى، ممّا يزيد في فرص النجاة منه.
لا شكَّ أنَّ الذكاء الاصطناعي سوف يحسّن من قدرات الأطباء على اكتشاف الأمراض وتشخيصها، لكن وسط كلّ هذه الفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي مانزال بحاجة ماسّةٍ للتّنظيم.
التغيير يبدأ من الصين
ننتقل سوياً إلى “بكين” حيث تطمح الحكومة الصينيّة بحلول عام 2030 لتكون الدولة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، تقوم الحكومة بتمويل مشاريع بمليارات اليورهات، لدعم الشركات التي تعمل بمجالات التطوير المعلوماتي.
مطعم كاملٌ يعمل به روبوتات في المطبخ إضافة إلى نُدلٍ آليين، ليس عليك سوا استخدام الشاشة الموجودة على طاولتك، اختر وجبتك المفضّلة، وبعد مرور القليل الوقت ستصلك وجبتك المعدّة عن طريق روبوتات أليّة.
ناهيك عن إنشاء مدينة ذكية كاملة، تحتوي على شاشات عملاقة تعرض المدينة كلّها بشكلٍ مباشر، أعداد السكان الجدد في كلّ حي لتخطيط المدارس، مستويات المياه، وانقطاع الكهرباء، الأسِرّة الفارغة في المشافي، كلُّ هذه المعلومات يتم تجميعها وتقيمها من قِبَل أجهزة ذكاءٍ اصطناعي.
و هذا كُلُّه جعل المدينة تعمل بكفائةٍ أكبر، يقوم نظام مراقبة بسمح المدينة كاملة، ويقوم بتحديد المباني المخالفة لإزالتها، وتحديد الأشخاص الذين قاموا بمخالفات مروريّة، الوضع هناك مثل أفلام الخيال العلمي تماما.
الاتهامات الموجّهة لعمالقة التكنولوجيا
رغم كلّ التسهيلات التي يقدّمها الذكاء الاصطناعي والعمل على تطوير حياتنا بشكل عام، إلا أنّ له مخاطره من حيث انتهاك الخصوصصيات وقد يصل الأمر لما يُسمّى “دكتتوريّة المعلومات”
حيث أنّ تلك الشركات تملك معلوماتٍ لأكثر من ملياري شخص حول العالم، ولها سلطةً متناميةً على حياتنا اليوميّة، كما تحظى بنفوذٍ سياسيّ متزايد.
تحتكر تلك الشركات طريقة استخدام هذا الكمّ الهائل من بيانات الأشخاص، وعندما يكون لدينا حالة احتكار، فهذا يعني أنَّ عامّة الناس لا يفهمون طريقة استخدام المعلومات ولا كيفيّة استخدام تلك السلطة، الاحتكار في حدّ ذاته يعدّ خطراً، ما لم يتم تنظيمه بدقّةٍ من قِبَل العامّة.
تعتزم عماقة التنكنولوجيا السّيطرة على العالم، فهم يهدفون إلى إدارة كلّ شيءٍ يمكنهم السيطرة عليه، حتى أنهم وصلوا إلى معرفة ما يحدث في بيوتنا، ما نشاهده على التلفاز، ما نفضّل شرائه دائماً.
فهل سيستمر تأثيرهم في الازدياد، وما الذي يمكننا فعله للسيطرة على احتكارهم؟
شيء واحدٌ واضح، إنّ الذكاء الاصطناعي يعزّز استحواذهم على السلطة، هناك حاجة ماسّة لمراجعة سياسية الاحتكار لتلك الشركات.
في الختام، يحمل الذكاء الاصطناعي احتمالات هائلة ليفيدنا في الحياة اليومية ومجالاتها المختلفة، لكن علينا أبضا أن ننظر إلى الاحتمالات الأخرى، ما الهدف الذي يخدمه ذلك التطور؟
إنّه سؤال لا يمكن حتى للوغرتمات الذكاء الاصطناعي الإجابة عنه.
البشر فقط من يستطيعون الإجابة.